روائع مختارة | روضة الدعاة | زاد الدعاة | المنهج الشرعي في إستنباط أحكام النوازل

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > روضة الدعاة > زاد الدعاة > المنهج الشرعي في إستنباط أحكام النوازل


  المنهج الشرعي في إستنباط أحكام النوازل
     عدد مرات المشاهدة: 3235        عدد مرات الإرسال: 0

من الأمور المقررة عند أكثر الأصوليين أن النصوص قليلة ومتناهية، والحوادث كثيرة، وغالبها لم يرد بشأنه نص جزئي خاص-[1]

* يقول الجويني ت478هـ:- نحن نعلم قطعاً أن الوقائع التي جرت فيها فتاوى علماء الصحابة وأقضيتهم تزيد على المنصوصات زيادة لا يحصرها عدد ولا يحويها حد... والأخبار المشتملة على الأحكام نصاً وظاهراً بالإضافة إلى الأقضية والفتاوى كغرفة من بحر لا ينزف أ.هـ -[2].

* ويقول السرخسي ت490هـ: ومعلوم أن كل حادثة لا يوجد فيها نص، فالنصوص معدودة متناهية ولا نهاية لما يقع من الحوادث إلى قيام الساعة أ.هـ -[3].

وقد عرف المسلمون النوازل منذ فجر الإسلام، فكانوا إذا نزلت بهم واقعة يهرعون إلى النبي صلى الله عليه وسلم فيبين لهم حكمها بالوحي.

وقد يلجأ النبي صلى الله عليه وسلم إلى الإجتهاد في المسائل التي لم ينزل عليه فيها شيء بإتفاق أكثر الأصوليين -[4].

* يقول ابن القيم ت751هـ: وأول من قام بهذا المنصب الشريف سيد المرسلين وإمام المتقين وخاتم النبيين أ.هـ -[5].

* ويقول الشيرازي ت476هـ: وقد كان يجوز لرسول الله صلى الله عليه وسلم أن يحكم في الحوادث بالاجتهاد أ.هـ -[6].

* ويقول الشوكاني ت1250هـ – بعد ذكره لحديث إنكم تختصمون إلي -[7]-: وفيه أنه صلى الله عليه وسلم كان يقضي بالإجتهاد فيما لم ينزل عليه فيه شيء، وخالف في ذلك قوم، وهذا الحديث من أصرح ما يحتج به عليهم أ.هـ -[8].

ولم يشرع الإجتهاد والنظر والقياس إلا من أجل الوفاء بأحكام الحوادث والنوازل.

وقد سار الصحابة على هدي المصطفى صلى الله عليه وسلم فكانوا يجتهدون في النوازل بقدر وسعهم، وكان نظرهم فيها يقوم على التبصر والحكمة والمشورة، ولذا كان الاختلاف فيما بينهم قليلاً -[9].

ويمكن القول بأن المنهج الشرعي الصحيح في إستنباط حكم النوازل يقوم على الأسس الآتية: البحث عن حكمها في المصادر المتفق عليها.

فينظر المجتهد في الكتاب أولاً، فإن لم يجد فينظر في السنة، فإن لم يجد فتش عن إجماع سابق -[10].

فهذا هو المنهج المعتبر في البحث عن الأحكام، وقد بينه النبي صلى الله عليه وسلم في حديث معاذ المشهور -[11]، وبينه جمع من الصحابة الكرام، كأبي بكر، وعمر -في كتابه إلى أبي موسى الأشعري، وفي كتابه إلى شريح-، وابن عباس، وابن مسعود، وغيرهم -[12].

والنظر في الأدلة على وفق هذا الترتيب لا يعني الاكتفاء بالدليل الواحد منها وغض النظر عن بقية الأدلة، بل لابد للمجتهد أن ينظر إلى الدليل نظراً شمولياً بحيث يدرك وجه العلاقة بينه وبين الأدلة الأخرى، فينظر إلى الآية مع السنة التي تبينها، أو تؤكدها، أو تنسخها، وهكذا.

ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ

المراجع

[1] انظر المعتمد 2/228، وقواطع الأدلة 2/86، وروضة الناظر 3/808، والإحكام للآمدي 4/27، والمسودة 488-489، 520، ومما يجدر التنبيه عليه هنا أن من الأصوليين من يرى أنه لا توجد واقعة إلا وقد نص على حكمها في الكتاب أو في السنة، والخلاف بين الفريقين –في نظري- لفظي، وذلك لأن أصحاب هذا الرأي يرون أن جميع الأدلة تؤول إلى الكتاب والسنة بما فيها الاجتهاد والقياس. انظر الرسالة 20، والإحكام لابن حزم 2/488، والموافقات 4/184، والاستقامة 1/12، وإعلام الموقعين 1/337.

[2] البرهان 2/500.

[3] أصول السرخسي 2/139.

[4] انظر العدة 5/1578، والمستصفى 2/355، والتمهيد لأبي الخطاب 4/373، والمسودة 507، والإحكام للآمدي 4/165، وشرح تنقيح الفصول 446، واللمع 134، وفواتح الرحموت 2/366.

[5] إعلام الموقعين 1/9.

[6] اللمع 134.

[7] أخرجه البخاري في صحيحه من حديث أم سلمة في مواضع عدة منها:- كتاب المظالم، باب إثم من خاصم في باطل وهو يعلمه، وكتاب الحيل، باب حدثنا محمد بن كثير، وكتاب الشهادات، باب من أقام البينة بعد اليمين، وكتاب الأحكام، باب موعظة الإمام للخصوم، انظر صحيح البخاري 6/574، رقم 2458، 16/120، رقم 2967، وأخرجه مسلم في صحيحه من حديثها أيضاً كتاب الأقضية، باب الحكم بالظاهر واللحن بالحجة، 6/245، ورقمه 1713.

[8] نيل الأوطار 10/213

[9] انظر مختصر المؤمل 1/36، وإعلام الموقعين 1/203، 4/205 وما بعدها، والفكر السامي 1/320.

[10] انظر أصول الشاشي 300، واللمع 124.

[11] حديث معاذ في كيفية القضاء وترتيب الأدلة، من الأحاديث المشتهرة على ألسنة الأصوليين، وقد أخرجه الإمام أحمد في مسنده 5/230، وأبو داود في سننه، كتاب الأقضية، باب اجتهاد الرأي في القضاء4/18-19، ورقمه 3592، وسكت عنه، وأخرجه الترمذي في سننه، كتاب الأحكام، باب ما جاء في القاضي كيف يقضي 3/616، ورقمه 1227، وقال: "هذا حديث لا نعرفه إلا من هذا الوجه وليس إسناده عندي بمتصل" وأخرجه الدارمي في مقدمة سننه، باب الفتيا وما فيه من الشدة 1/60، وقد اختلف العلماء في الحكم على هذا الحديث، فذهب إلى قبوله وتحسينه جمع من أهل العلم، منهم: البيهقي، والخطيب البغدادي، وابن تيمية، وابن القيم، وابن كثير، انظر السنن الكبرى للبيهقي 10/115، ومجموع الفتاوى 13/364، وتفسير ابن كثير 1/4، والفقيه والمتفقه 1/472، وسير أعلام النبلاء 18/482، وإعلام الموقعين 1/202-203، وذهب إلى رده وتضعيفه جمع من أهل العلم، منهم: البخاري، والدارقطني، وابن حزم، وابن الجوزي وغيرهم، انظر التاريخ الكبير 2/277، والإحكام لابن حزم، 2/207، والعلل المتناهية 2/273، والتلخيص الحبير 4/182-183، والمختار في هذا الحديث-والله أعلم- أنه لا يصح ولا يثبت، وأما تصحيح بعض المحققين له فمرده إلى أنهم يستندون في ذلك إلى تلقي أئمة الفقه والاجتهاد له بالقبول، ويرون أن هذا القدر مغن عن النظر في إسناده. انظر التلخيص الحبير 4/183، وسلسلة الأحاديث الضعيفة 2/273.

[12] انظر نماذج من أقوال الصحابة التي تدل على هذا المنهج في: جامع بيان العلم وفضله 2/70-72، والفقيه والمتفقه 1/199-203، والمصنف لابن أبي شيبة، كتاب البيوع والأقضية، باب في القاضي ما ينبغي أن يبدأ به في قضائه 7/241، رقم 3032، 3033، 3036، وسنن الدارمي، باب الفتيا وما فيه من الشدة 1/57-59، وأخبار القضاة لوكيع بن الجراح 2/189-190، وسنن البيهقي، كتاب آداب القاضي، باب ما يقضي به القاضي ويفتي به المفتي 10/114-115.

الكاتب: أ.د.أحمد بن عبد الله الضويحي.

المصدر: موقع رسالة الإسلام.